عند الحديث عن صحة الفم، يظن البعض أن الأمر يقتصر على تنظيف الأسنان وتجنب التسوس، لكن الحقيقة أن الفم يُعتبر مرآة لصحة الجسم بالكامل.
وقد أثبتت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين أمراض الفم – خصوصًا التهابات اللثة – وبعض الأمراض المزمنة الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري.
فهل يمكن أن تؤثر البكتيريا في اللثة على القلب؟
وهل تدهور صحة الفم يُفاقم مضاعفات السكري؟
الإجابة باختصار: نعم.
في هذا المقال، نستعرض الرابط الدقيق بين صحة الفم وتلك الأمراض العامة، مع نصائح فعّالة للحفاظ على صحة فمك وجسمك.
🦷 أولًا: الفم بوابة الجسم… وليس معزولًا عنه!
الفم يحتوي على مئات الأنواع من البكتيريا، معظمها غير ضار، لكن عند إهمال النظافة أو وجود ضعف في المناعة، تتكاثر البكتيريا الضارة وتُسبب:
-
التهاب اللثة
-
التهاب دواعم الأسنان
-
خراجات لثوية
هذه البكتيريا لا تبقى فقط في الفم، بل يُمكن أن تدخل إلى مجرى الدم، وتصل إلى أعضاء أخرى مثل القلب والكليتين وحتى الدماغ، مما يُفسّر العلاقة بين صحة الفم والصحة العامة.
❤️ ثانيًا: العلاقة بين صحة الفم وأمراض القلب
تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص المصابين بأمراض اللثة لديهم احتمال أعلى بنسبة تصل إلى 20% للإصابة بأمراض القلب التاجية.
كيف يحدث ذلك؟
-
عند التهاب اللثة، تُفرز البكتيريا سمومًا تدخل إلى الدم.
-
تساهم هذه السموم في تصلّب الشرايين وزيادة ترسّب الدهون في جدران الأوعية الدموية.
-
هذا بدوره يزيد من خطر الجلطات القلبية أو السكتات الدماغية.
بعض الحالات الأكثر خطورة:
-
التهاب شغاف القلب (Endocarditis): عدوى تصيب صمامات القلب بسبب بكتيريا الفم.
-
مرض الشريان التاجي: تسهم التهابات اللثة المزمنة في تسريعه.
🍬 ثالثًا: العلاقة بين صحة الفم ومرض السكري
العلاقة هنا ثنائية الاتجاه:
-
مرض السكري يُزيد من مشاكل اللثة.
-
ومشاكل اللثة تُصعّب السيطرة على السكر في الدم.
كيف يؤثر السكري على اللثة؟
-
ارتفاع السكر في الدم يُضعف مناعة الجسم، مما يجعل اللثة أكثر عرضة للالتهاب.
-
السكري يؤدي إلى جفاف الفم، ما يُقلل من اللعاب ويزيد من تسوس الأسنان ورائحة الفم الكريهة.
-
الأشخاص المصابون بالسكري أكثر عرضة لفقدان الأسنان مبكرًا.
كيف تؤثر اللثة على مستوى السكر؟
-
الالتهاب المزمن في اللثة يُفرز مواد كيميائية (مثل السيتوكينات) تُؤثر على حساسية الجسم للأنسولين.
-
هذا يؤدي إلى صعوبة في ضبط مستويات الجلوكوز، مما يُفاقم مرض السكري.
📌 رابعًا: علامات يجب الانتباه لها في صحة الفم
إذا كنت مصابًا بمرض مزمن مثل القلب أو السكري، يجب أن تكون يقظًا تجاه أي من الأعراض التالية:
-
نزيف اللثة عند التفريش أو الأكل
-
احمرار أو انتفاخ اللثة
-
رائحة فم كريهة مزمنة
-
حساسية في الأسنان أو ألم عند المضغ
-
تخلخل الأسنان أو انحسار اللثة
كل هذه علامات على وجود التهاب فموي يستدعي التدخل السريع.
🩺 خامسًا: كيف تحمي نفسك؟
1. نظف فمك جيدًا مرتين يوميًا
استخدم فرشاة ناعمة ومعجون يحتوي على الفلورايد.
2. استخدم الخيط الطبي يوميًا
لإزالة بقايا الطعام بين الأسنان.
3. لا تهمل تنظيف اللسان
فهو من أكثر أماكن تراكم البكتيريا.
4. تناول نظامًا غذائيًا صحيًا
قلّل من السكريات، وتناول أطعمة غنية بفيتامين C، D، والكالسيوم.
5. اشرب الماء بانتظام
يساعد في ترطيب الفم وتقليل البكتيريا.
6. راجع طبيب الأسنان كل 6 أشهر
حتى لو لم تكن تعاني من ألم. الفحص المبكر يمنع الكثير من المشاكل.
7. إذا كنت مريض قلب أو سكري، أخبر طبيب الأسنان
بعض الحالات تحتاج إلى مضادات حيوية وقائية قبل العلاجات.
💬 سادسًا: ماذا يقول الأطباء؟
يؤكد الأطباء أن العناية بصحة الفم والأسنان هي جزء أساسي من إدارة الأمراض المزمنة.
فمريض السكري الذي يُحافظ على نظافة فمه، يُمكنه التحكم بمستويات السكر بشكل أفضل.
ومريض القلب الذي يعتني بلثته، يُقلّل من خطر المضاعفات القلبية.
✅ الخلاصة:
صحة الفم ليست منفصلة عن بقية الجسم، بل هي انعكاس مباشر لصحة القلب والتمثيل الغذائي.
الوقاية تبدأ من خطوات بسيطة في المنزل، لكنها تترك أثرًا كبيرًا على صحتك على المدى الطويل.
اعتنِ بأسنانك… فهي قد تُنقذ قلبك، وتُساعدك على التحكم بالسكري، وتحميك من مضاعفات لا تُحتمل.